ظاهرة التحرش في ظل ضعف سلطة القانون
شهد العراق في الفترة الأخيرة ازدياد في حالات التحرش للنساء والأطفال بشكل خطير مما أدى إلى ازدياد الخوف لدى الأفراد من هذه الظاهرة، لكن ما موقف المجتمع والسلطات القانونية من ذلك؟ هل وضع المشرع عقوبات رادعة لهذه الظاهرة الخطيرة؟ وما موقف الضحية عند تعرضها للتحرش داخل المجتمع؟ وهل ستتمكن السلطات المختصة من ردع هذه الظاهرة؟
ظاهرة التحرش في ظل ضعف سلطة القانون
التحرش هو سلوك غير أخلاقي يدلّ على إنحدار في ثقافة المجتمع، بسبب تراكم عوامل مختلفة ، وكانت الظروف الأمنية والسياسية جزءا من هذه العوامل مما أدى إلى تنامي هذه الظاهرة بشكل خطير في الآونة الأخيرة.
تعد ظاهرة التحرش سواء أكانت بشكل لفظي أو جنسي إنتهاكاً لكرامة الإنسان سواء كانت الضحية امرأة أو أطفالاً أو رجال ونلاحظ عجز السلطات المسؤولة عن حماية الفئات المتعرضة لهذه الظاهرة بشكل واضح، حيث إن بعد إزدياد حالات التحرش بالنساء نلاحظ أن ظاهرة التحرش بالأطفال قد إزدادت أيضا بشكل كبير جداً.
وتعتبر جرائم التحرش الجنسي بالأطفال من أفظع الجرائم التي جرمها قانون العقوبات العراقي، واعتبرها ضمن الظروف المشددة عند إيقاع العقوبة، ووفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، إن واحدة من كل 5 نساء وواحد من كل 13 رجلاً أبلغوا عن تعرضهم للإعتداء الجنسي عندما كانوا أطفالاً، وذلك على صعيد عالمي، إذ لا توجد أرقام دقيقة ورسمية عن نسبة هذا النوع من التحرش في الدول العربية.وإلى جانب ذلك تصاعدت معدلات التحرش بالنساء في المجتمع العراقي، حيث لم يستطع القانون حمايتهن ولا أخذ حقهن بسبب ضعف السلطات المسؤولة، وايضا بسبب وجود المرأة ضمن مجتمع ذكوري سوف يلجئ غالباً إلى وضع اللوم عليها كونها تمثل الفئة المظلومة في داخل مجتمع تسوده الذكورية، ففي هذا المجتمع غالباً ما تلجئ معظم النساء إلى الصمت و عدم البوح بتعرضها لهذه الظاهرة لكونها تخاف من نظرة المجتمع لها.
وعلى الرغم من ذلك فقانون العقوبات يعنى بالحد من الأفعال والسلوكيات المندرجة تحت مفهوم التحرش سواءً أكان في الأماكن العامة كالشارع والمدرسة والمطعم أو الأماكن الخاصة في حين نجد أن قانون العمل أكّد على محاربة هذه السلوكيات و نطاق تطبيقه يكون في بيئة العمل ويمس المرأة والرجل على حد سواء وبذلك نجد أن القانون العراقي حارب هذه السلوكيات غير المقبولة إلا أننا نجد أن هذه السلوكيات أصبحت تشكل خطراً يهدد المجتمع إذ إزدادت حالات التحرش بالنساء في العراق في الآونة الأخيرة رغم وجود النصوص القانونية المعالجة لها الا انها تحتاج الى المزيد من الفعالية والتنفيذ, وفي سبيل الحد من انتشار هذه الظاهرة يجب أن يتم تشديد العقوبات الواردة في القانون وزيادة مبلغ الغرامة المفروضة على المتحرش فنجد أن قانون العمل فرض غرامة مالية تصل الى مليون دينار في حين أن قانون العقوبات الذي يعد القانون المختص بمعالجة التحرش لا زالت نصوصه قاصرة فمبلغ الغرامة المفروضة على المتحرش لا تزيد على ثلاثين الف دينار وهذا لا يتناسب مع دور القانون والأسباب الموجبة لتشريعه في الحد من الجرائم التي تمس بكرامة الإنسان وشرفه بشكل عام والأنثى بشكل خاص.
وتدعوا جهات رقابية إلى ضرورة تحمل الحكومة والبرلمان مسؤوليتهما إزاء هذه الظاهرة، وتشريع قانون لحماية النساء منها. وقالت رئيسة منظمة المرأة العراقية، منال عبد الجبار، لـ “العربي الجديد”، إنّ “هذه الظاهرة تحتاج إلى تدخل حكومي برلماني، وإلى تشريع قانون يحمي الفتيات وتطبيق عقوبات رادعة بحق المتحرشين”، مبينة أنّ منظمتها “تسجل و بشكل يومي تصاعد في هذه الظاهرة بشكل كبير، وفي المقابل لم يُسجل أي موقف حكومي أو موقف من قبل الأجهزة الرقابية والأمنية لغرض حماية الفتيات”.
الكاتب / سنديان اياد
التحرير والتدقيق / فرح منير
المصادر: