المغالطات المنطقية

لم يتكيف العقل البشري مع استخدام المنطق بكل دقة فهناك فخاخٌ منطقية تنجذب عقولنا إليها فيجب أن نكون واعين بها ونحاول أن نتفاداها , دعونا نتعرف اكثر عن المغالطات المنطقية من خلال هذا المقال !

0

المغالطات المنطقية

 

ماهي المغالطات المنطقية؟

قبل أَن أبدأَ  في طرحِ موضوع المغالطات أوَد أَن أُعرِفَ وبشكلٍ مختصر المنطق وما هي الحجة المنطقية :

-المنطق : هو العلم الذي يدرس القواعد والقوانين العامة للتفكير الإنساني الصحيح والاستدلال السليم، ويُستخدم المنطق لمعرفة ما إذا كان الشيء صحيحاً أو خاطئاً .

-الحجة : عند نقاشنا مع الآخرين بينما هم يحاولون اقناعنا بوجهات نظر معينة، عادةً ما يقومون بسرد أسباب للتدليل على أن ما يذكرونه صحيح، و هذا ما يسمى بالحجة .

ويكون التركيب العام للحجة عادةً  هكذا:

المعطى الاول : كل انسان يموت

المعطى الثاني : ارسطو انسان

الإستنتاج : ارسطو سيموت

إذاً فإن الحجة المنطقية تتكون من معطيات ونتيجة، فالمعطيات في المثال السابق هي “كل إنسان سيموت” و “ارسطو إنسان”، وأدت هذه المعطيات إلى النتيجة ؛ إذاً، ارسطو سيموت.

-المغالطات المنطقية :

لو كانت كل المعطيات صحيحة فمن الممكن للحجة أن تكون غير سليمة أما إذا كان المنطق المستخدم غير سليم فتسمى هذه الحالة بالمغالطات المنطقية.

وكان التعريف التقليدي للمغالطات هو «تلك الأنماط من الحجج الباطلة التي تتخذ مظهر الحجج الصحيحة»، ولعل من الأصوب أن نقول إنها أنماطٌ شائعة من الحجج الباطلة التي يمكن كشفها في عملية تقييم الاستدلال غير الصوري.

هنالك ميل إلى البدء من النتيجة قبل بناء حجة تدعم هذه النتيجة، وأغلب الناس سيستخدمون المغالطات المنطقية لبناء حجة تؤدي إلى النتيجة المطلوبة. في الحقيقة، إذا كانت النتيجة غير صحيحة فيجب استخدام إما معطى خاطئ أو مغالطة منطقية لبناء حجة تؤدي إليها. إن الحجة السليمة لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة خاطئة ابداً. لذلك يجب أن نتعلم كيف نتعرف على المغالطات المنطقية لكي نقدم حججاً منطقية سليمة قوية، لأن الحوار أصبح النهج المُتَّبَع في عالمٍ أساسه التواصل وغايته الإقناع؛ تصبح الحجة وسيلتَهُ، ولكن يقع كثيرٌ من المحاورين في مغالطاتٍ منطقيةٍ أثناء تقديمهم الحجج إما جهلاً وإما عمداً بهدف تضليل المتلقّي وخداعه بصحة الحجة الخاطئة،

هنالك انواع عديدة من المغالطات وكل واحدة لديها اسم  لتمييزها ومعرفتها، سأذكر بعض الأمثلة من مغالطات شائعة الاستخدام:

 

1)مغالطة الشخْصَنة:

تحدث هذه المغالطة عندما يتم الرّد على حجة بالهجوم على صاحب الحجة بدلاً من الحجة نفسها، حيث انها تقوم على الطعن في شخص الخصم بدلا من رد حجته، والمراد منها هو سقوط الدعوى عند تشويه سمعة قائلها لدى السامع. ولكن عندما تكون العيوب الشخصية لها علاقة كإتهام قاضٍ بالتزوير فإنها لا تعد مغالطة ، ومغالطة الشخصنة تنقسم بدورها إلى أربعة أنواع من المغالطات:

(1)مغالطة القدح الشخصي أو السب.

(2) مغالطة التعريض بالظروف الشخصية.

(3) مغالطة أنت أيضا تفعل ذلك.

(4)مغالطة تسميم البئر (تشويه المصدر بأكمله).

وإليك أربعة أمثلة لها؛ مثال لكل نوع:

1-كان آينشتاين موظفا حقيراً عندما كتب نظريته، إنها نظرية لا تخلو من الأخطاء.

2-كل ما يقوله هذا الرجل ضد نظرية التطور غير مقبول، فهو خطيب جمعة يردد في كل خطبة “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها”.

3-كيف لي أن أستمع إلى نصيحة هذا الطبيب بإنقاص وزني ما دام بديناً هكذا؟

4-لا نقبل أيّ كلمة من هذا الإرهابي البغيض .

في الأمثلة السابقة نجد الصورة المنطقية التالية:

«س» يقدم الدعوى «ق»،

«س» يتصف بالعيب «ك»؛

إذن الدعوى «ق» باطلة.

ويجب التنويه أن الإهانة بحد ذاتها لا تعتبر مغالطة منطقية، ولكن إذا أُطلق على الحجة أنها غير صحيحة فقط لأن صاحب الحجة لديه صفة معينة؛ تكون مغالطة. وتستخدم هذه المغالطة لإضعاف حجة الخصم دون مناقشة الحجة نفسها.

من الطريف أن هذه المغالطة تنطبق أيضًا في الحالة العكسية، حتى وإن لو كانت أقل شيوعاً : أي حين تريد أن تؤازر حجة الشخص وتدعمها فيكون عن طريق مدحه وإطرائه.

 

2)التعميم المتسرع :

هي مغالطةٌ تقوم على التسرع في الحُكم والتوصل إلى نتيجةٍ تكون مُعمَّمةً في الغالب دون الأخذ بالحسبان أي بدائِل أخرى قد تكون متاحة، أي من خلال الاكتفاء بعيِّنةٍ صغيرة الحجم مثلًا بدلًا من النظر إلى بعض الإحصائيات التي من شأنها أن تتوافق أكثر مع الحالة العامة.

وقد يكون «التعميم المتسرع» من أكثر المغالطات شيوعاً لا سيما أنه ينطوي على كثيرٍ من التحيُّزات العرقية والعنصرية والطبقية، فضلًا عن بعض الأوصاف النمطية عن الشعوب واعتقاداتنا عن أنواع المنتجات وماركات الأجهزة التي تقوم غالبًا على بضعة أمثلة من واقع خبرتنا الحياتية القصيرة والمحدودة

أمثلة عن هذه المغالطة :

-التفاحات على وجه الصندوق تتألق نضرةً وبهاءً، إذن جميع التفاحات في الصندوق من الصنف الممتاز.

-قابلت ثلاث اشخاص من كندا وجميعهم كانوا بخلاء إذاً جميع سكان كندا هم بخلاء.

-كان جدي يدخن ثلاثون سيجارة كل يوم وعاش حتى التسعون من عمره فلا تصدق كل ما يقال عن أضرار التدخين.

 

3)الحجة الدائرية:

وهي استخدام الاستنتاج المراد الوصول إليه كأحد المعطيات، مثلاً:

كل جسم يملك كثافة أقل من كثافة الماء سوف يطفو، لأن مثل هذه الأجسام لن تغرق في الماء.

عادةً ما يصاغ الاستنتاج بطريقة أخرى ويقدم كمعطى قد لا يبدو مشابه للاستنتاج عند النظر اليهِ للوهلة الأولى .

 

4)مغالطة المغالطة:

هي افتراض أن استنتاج حجة ما خاطئ بسبب احتوائها على مغالطات منطقية أو كونها غير سليمة. ففي بعض الأحيان يربح  المحاور المناقشة ليس بسبب صحة حجته ولكن بسبب أن الفائز هو الأفضل في النقاش وبناء الحجج.

مثلاً:

قال صالح لمازن، “أستاذي في المدرسة يقول أن التدخين يضر بالصحة، فيجب أن تقلع عن التدخين،” ردّ مازن عليه، “استخدمت مغالطة الاحتكام إلى سُلطة؛ إذاً، حجتك خاطئة والتدخين لا يضر بالصحة”.

 

فيجب علينا أن لا نتسرع بالحكم على عدم صحة الاستنتاج بسبب سوء تقديم الحجة أو احتوائها على مغالطات منطقية .

الكاتب / واثق حميد
التدقيق والتحرير / فرح منير

المصدر :

كتاب المغالطات المنطقية / للكاتب :عادل مصطفى

 

Leave A Reply