إضطراب الشخصية النرجسية
النرجسية تعني حب النفس أو الأنانية، وهو اضطراب في الشخصية حيث تتميز بالغرور، والتعالي، والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين. وهذه الكلمة نسبة إلى أسطورة يونانية، ورد فيها أن نركسوس كان آية في الجمال وقد عشق نفسه حتى الموت عندما رأى وجهه في الماء
اضطراب الشخصية النرجسية
مقدمة :
يُعرف باللغة الإنجليزية ب (Narcissistic personality disorder)
وهو اضطراب مُزمن وشامل في الشخصية ولهُ صفاته وملامحه السلوكية، ويُصنف كواحد ضمن عشرة اضطرابات للشخصية في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM IV TR 2000 . في هذا الاضطراب يتضخم فيه شعور الشخص بأهميته وتتولد لديهِ حاجة ماسة لأن يكون موضع الإعجاب عند الجميع، وتتدنى لديهِ مشاعر التعاطف مع الآخرين، ويستعمل المصطلح أيضًا بمعنى حُب الذات الطبيعي والاعتيادي المقبول والمطلوب، في قضايا تربوية وحقوقية وقانونية، مثل التعبير عن الذات وحقوقها وحقوق الطفل والمرأة والأقليات والشعوب، وقَد يُؤدي الظلم والاضطهاد إلى جروح نرجسية عميقة وردود فعل متنوعة عدوانية .
النرجسية في التحليل النفسي :
كان فرويد أول من استخدم مصطلح النرجسية من الناحية النفسية، واستخدمهُ بمعنى محدد وهو إن لدينا جميعًا رغبات نرجسية أو حُب الذات، وهي طبيعية ومن الضروري إشباعها، وأنها تشكل مرحلة من النمو تتطور فيما بعد إلى حُب الآخرين، وفي حال عدم إشباع هذهِ الرغبات يحدث الانكفاء على الذات والتثبت عند مرحلة حُب الذات الأولى. وقد طرح كاوت [Heinz Kohut] وكيرنبيرغ [Kernberger] , تفاصيل عن مفهوم النرجسية المرضية من وجهة نظر تحليلية وإنها نتيجة لعلاقة باردة غير مُتعاطفة وغير ثابتة مع الأبوين في مراحل الطفولة الأولى، وأنها تعويض مرضي على تلك المرحلة، وبين كيرنبيرغر إن اضطراب النرجسية الشديد لايُمكن علاجه بينما يُمكن علاج الحالات المتوسطة أو الخفيفة.
اضطرابات الشخصية في الطب النفسي :
اضطرابات الشخصية في الطب النفسي تقسم إلى ثلاثة مجموعات تضم المجموعة الأولى : الشخصية الشكاكة Paranoid ،الشخصية الفصامية Schizoid ، الشخصية ذات النمط الفصامي Schizotypal . وتضم المجموعة الثانية: الشخصية المضادة للمجتمع Antisocial ، الشخصية الحدودية Borderline ، الشخصية النرجسية Narcissistic والشخصية الهستريائية Histirionic . وتضم المجموعة الثالثة: الشخصية الاعتمادية Dependent ، الشخصية القلقة التجنبية Avoidant والشخصية الوسواسية القهرية Obsessive compulsive . و تتميز كل شخصية بصفات محددة وسلوكيات ويبدو إن الشخصيات في كل مجموعة لها بعض القواسم المشتركة لذلك تم تصنيفها معًا و اضطرابات الشخصية تُشخص في المحور الثاني للتشخيص أما المحور الأول فهو يضم التشخيص المرضي العيادي مثل الاكتئاب أو القلق وغير ذلك.. بينما في محور التشخيص الثاني توضع اضطرابات الشخصية وحالة الذكاء مثل التخلف العقلي بدرجاتهِ المتنوعة.
التشخيص :
لتشخيص هذا الاضطراب يتطلب وجود عدة صفات وسلوكيات. وهذه الصفات والسلوكيات قد تكون مُستعصية ومُزمنة وبعد عمر 18 سنة قد تؤدي إلى مشكلات ومعاناة وصعوبات في التكيف الاجتماعي ومن هذهِ الصفات والسلوكيات:
– تضخيم قيمة الذات وميزاتها ومهاراتها.
– الانشغال بخيالات النجاحات الباهرة، القوة، الذكاء، الجمال، الحب المثالي.
– الاعتقاد بأنه شخصية متميزة وأنه لايفهمه إلا المتميزون ولايتعامل إلا مع المتميزين.
– يتطلب الإعجاب والإطراء دائمًا .
– يعتقد أنه يستحق الامتيازات وأن يعامل بشكل متميز واستثنائي.
– نقص التعاطف مع الآخرين.
– يستغل الآخرين.
– يغار من الآخرين كثيرًا أو يعتقد أن الأخرين يغارون منهُ.
– متبجح ومتغطرس في سلوكهِ وكلامهِ.
– الإحساس بالضعف، أنه غير مرغوب فيه.
– عدم تقبل النقد والغضب الشديد من النقد واللوم.
– عدم تحمل الإحباط.
– الانسحاب الاجتماعي احيانًا.
– صعوبة التعاون مع الآخرين.
– مشكلات مهنية.
– البحث عن الاهتمام وإثارة الانتباه.
– مشكلات في العلاقات الشخصية.
الاضطرابات المصاحبة :
– الاكتئاب.
-التدخين الكثيف واحيانًا الادمان على المخدرات.
– يمكن للشخصية الهيستريائية ، الحدودية، المضادة للمجتمع والشكاكة أن تترافق معها انطوائية .
الأسباب :
حالياً لاتزال أسباب اضطراب الشخصية النرجسية غير معروفة على وجه الدقة ولكن هناك عدة نظريات وتفسيرات تشرح سبب نشوئها ومنها :
– حساسية مفرطة منذ الولادة.
– التدخل الزائد من الأهل والتقييم المفرط منهم.
– الإعجاب الزائد وغير الواقعي من الأهل.
– السلوك غير المتوازن وغير المتوقع من الأهل.
– الإيذاء النفسي للطفل حيث يساهم ذلك في تكوين ردود فعل خاصة واهتمام زائد بالذات وحُبها.
– الإطراء الزائد من الكبار للصفات الجسمية أو غير الجسمية للطفل.
– التشجيع الزائد للسلوك الجيد والتوبيخ الزائد للسلوك السيئ.
– من الوجهة التحليلية النفسية هناك علاقة مضطربة مع الوالدين حيث يفشل الأبوان في بناء علاقة متعاطفة مع الطفل وهذا يؤدي إلى شعور الطفل بأنه غير مهم وأنه غير مرتبط بالآخر، ويولد ذلك اعتقاده بأن لديه عيوبًا في شخصيتهِ تجعله دون قيمة وغير مرغوب فيه .
العلاج :
يوجد في علاج اضطرابات الشخصية النرجسية عدة طرق مختلفة ويتمحور العلاج النفسي بشكل أساسي ولا يوجد هناك أدوية معينة خاصة بهذه الحالة ولكن بعض مجموعات الأدوية العامة قد تفيد في علاج حالات الاضطراب من هذا النوع مثال: مضادات الاكتئاب لتحسين الحالة المزاجية.
* أهم أنواع العلاج النفسي الذي يمكن تقديمه: العلاج المعرفي السلوكي : حيث يهدف لاكتشاف الافكار والسلوكيات الخاطئة واستبدالها بأخرى صحية.
* العلاج الأسري : حيث تشترك الاسرة كلها في الجلسات بهدف التعرف على المشكلات ومواجهتها.
* العلاج الجماعي: حيث يتقابل المريض مع أخرين يعانون من نفس المشكلة بهدف تبادل الخبرات. العلاج يتطلب صبر ووقت طويل لأن الشخصية بمكوناتها تترسخ في الأنسان بمرور الوقت ويكون الهدف القصير المدى هو التعامل مع المشكلات الخاصة بالإدمان أو ضعف الثقة بالنفس والهدف طويل المدى أن يتم تغيير القناعات والسلوكيات وإعادة تشكيل الشخصية وتغيير نمط الحياة .
الدراسات التجريبية :
اكتشف علماء النفس في الولايات المتحدة إلى أن أفضل طريقة للتعرف على الشخص النرجسي، هو سؤاله عن ذلك مباشرة. الاختبار الجديد يتكون من سؤال واحد فقط، توصل إليه علماء النفس بعد أن أجروا 11 اختبارًا شارك فيهِ 2200 متطوعًا ، حيث اكتشفوا انه يمكن التعرف على الأشخاص الذين يعانون من النرجسية بواسطة السؤال “إلى أي مدى تتفقون مع مقولة: أنا نرجسي؟”. بعد ذلك طلب من كل مشارك ان يحدد درجة نرجسيته حسب مقياس من 7 درجات. ويؤكد علماء النفس، على أن 20 ثانية فقط كافية لتحديد نتيجة الاختبار، في حين يتطلب الاختبار التقليدي الأساسي “Narcissistic Personality Inventory” ما لا يقل عن 20 دقيقة. ويضيفون، طبعًا لن يَحل الاختبار الجديد محل الاختبار التقليدي الأساسي، ولكنه سيساعد في تحديد الذين يعانون من النرجسية. ويقول العالم بريد بوشمان من جامعة ولاية أوهايو “الأشخاص الذين على استعداد للاعتراف بنرجسيتهم، يمكن أن يكونوا فِعلًا كذلك، وهم يفتخرون بذلك، لأنهم لا يعتبرونه شيئا سيئًا ويثقون بأنهم أفضل من الأشخاص المحيطين بهم وهم على استعداد للتصريح بذلك علانية”.
اسم الكاتب / سفيان أحمد
التدقيق والتحرير / مريم عقيل
المصادر:
المصدر الاول
المصدر الثاني
المصدر الثالث
المصدر الرابع
Comments are closed.