خزانة الكتب

خاطبنا الله بكلمة وحينما أراد أن يهادينا وهبنا كتابه، فحفظت "أمة إقرأ" عظيم هدايا الرحمن ، فكانت " خزانة الكتب" .

0

خزانة الكتب

أو المكتبة وهي مصطلح أطلق على المكتبات منذ اول عهد الناس بمعرفتها وإلى يوم الناس هذا وأن تعددت أشكالها ومسمياتها، ولا يخفى مالها من أثر في بناء الأنسان فقد عني بها كل من آثر المعرفة وتاق إليها.

ومالت إليها نفسه، لازمت الانسان منذ عصور قد تلت ولما تزل رفيقة له ، سراجا لبصيرته، ومؤنسا لوحشته، محيطا يغرف منه ما شاء وما أستطاع من شطآن العلم والأدب ، هدته سواء السبيل.

 خزانات الكتب ما قبل الميلاد : –

ما قبل التاريخ هو زمن واسع المدى فلا حقبة زمنية تلوح أمامنا نسترشد بها عن أول خزانات الكتب ولا أين، والسبيل الذي نسلكه ما هو إلا ماعثرنا عليه من أثار شاخصة تجعلنا على بينة بأن أولى تلك المكتبات في بلاد المشرق العربي هي مكتبة آشور بانيبال في الحضارة الآشورية، فأهم ما تركه آشور بانيبال هي مكتبة قصر “قويونجيك” في نينوى على لوحات من الآجر وكانت بشكل كتلة مربعة الشكل قد بنيت في القصر بمساحة قدرها 100 متراً وتكفي سطورها لخمسمائةِ مجلداً وكل مجلد بخمسمائة صفحة، واللغة التي كُتِبت بها تلك السطور هي اللغة السومرية.

 

المكتبات القديمة : –

لم تكن شأن المكتبات كحالها اليوم لا في أسمها ولا في شكلها إلا أنها كانت ولما تزل بيتا او خزانة للابداع الانساني منذ عصور قد خلت ، عرف العرب في جاهليتهم وبعد اسلامهم المكتبات لكنها كانت وما يتوافق وسمة الدهر حينها ، فحركة العلم التي أزدهرت وتوقدت بعد مجيء الاسلام ارشدته بأن يكون لما تحويه عقولهم خزانة لذا كانت المكتبات حينها تقام في المساجد ودور العبادة بشكلها البسيط وجوهرها العميق لأن الحاجة لها عميقة سيما وإنه فجر بناء الانسان والانسانية . واينعت وكبر مفهومها واثرها شأنها شأن كل شيء له أثر في الانسان، حتى أنشأت الدولة الأولى وأدرك أثرها الخلفاء والحكماء والخطباء، سيما بعد الفتوحات وما لها من أثر، فتسابق الخلفاء على إنشاء دورا للكتب في قصورهم الخاصة والمساجد أول الأمر كعمرو بن العاص في العصر الاسلامي وهارون الرشيد ومن بعده المأمون والأمين، والكلاميون واللغويون كأبي عمرو بن العلاء واسحاق الموصلي وسيبويه .حتى طالت بيت الوزراء والوراقين وملأت بيوتهم وتنافسوا فيها طاب تنافساز.

ولما كثرت الفتوح وتناقلت المتون بين الأمم، فتزاورت الكتب ولم تحدها حدود، أو لغة ، أمم الأدب واللغة قد نثرت عبير ثرواتها فكرا لأمم الفلسفة وأمم العلم وهبت ما أستحصلته من نظريات جمّة وعلوم شتى لأمم الفلسلفة، حتى تمازجت هذه بتلك وتداخلت ، وأستتبعتها حركة الترجمة التي كانت مفتاحا قد شرع الباب بمصراعيه فما كان جهدا جهيداً ليل أمس، قد تمكن منه ابن الادم اليوم.

مكتبة الأسكندرية : –

وأول مكتبة عرفها العرب كانت مكتبة الأسكندرية بمصر. وقد قيل أنها بنيت قبل ثلاثة وعشرين قرنا على يد الأسكندر الأكبر لذا وسمت بمكتبة “الأسكندرية” . تعرضت شأنها شأن غيرها لنهب تارة ولحرق وضياع لما تحويه من أمات الكتب. بقيت مكتبة الأسكندرية إلى ما بعد الميلاد بقرون نيفت عن السبعة ، حتى شاعت حركة الفتوح وأُحرقت مكتبة الأسكندرية، وغدت مخطوطها كالهشيم. لكن هذا لم يمح أثرها إلى يومنا هذا. وقد سعى أبناء مصر لبناء آخرى تحمل ذات الأسم في عام 2002م.

 

مكتبة دار الحكمة :-

مكتبة دار الحكمة ببغداد أُنشأت في عصر الخلافة العباسية فعاصرها الخليفة هارون الرشيد والمأمون وخزانة الكتب هذا لأنها كانت خزانات شتى وليس خزانة واحدة، خُصص كل علم بخزانة خاصة به، فمخطوطات الفقه والتشريع لها خزانتها، ومخطوطات الطب والفلك لها خزانتها، وللفلسفة خزانة ، حتى صارت خزانات للكتب عرفت جُلّها بأنها “دار الحكمة”. ولكل خليفة خزانة تحمل أسمه كأثراً له ، كان كل منهم ساعيا في علم مريداً له فالخليفة المأمون شغف بالفلسفة ومال إليها ولم يذر سبيلا يسلكه حتى يقتنيها فخزانته وحده نيفت عن الألف مجلد. وأمدت دار الحكمة بغداد في عصر العباسي بما ساعدها على تحصيل ضروب من العلم ، ليس للخاصة فحسب وإنما هي مقصداً يؤمها كل من تاقت نفسه لأن يغترف من متونها الزاخرة. حتى لاقت حتفها كمكتبة الأسكندرية بعد القرن الخامس من الخلافة العباسية وأندثر ما بها من مخطوطات في دجلة.

الكاتب / آية عماد
التحرير والتدقيق / عبدالله ساجد

المصادر :
كتاب ظهر الأسلام لأحمد أمين
حضارة بابل وآشور لوغستاف لوبون

Leave A Reply