الأُسر العربیة ما بین العُنف والترھیب
تتعدد أنواع العنف تجاه المراة داخل الاسرة العربية والاحصائيات بازدياد رهيب، ماهي الاسباب وكيف سيتم استئصال البذرة السامة من المجتمع العربي. تابعوا المقال
الأُسر العربیة ما بین العُنف والترھیب
تشیر التقدیرات العالمیة المنشورة من منظمة الصحة العالمیة ( أن واحدة من بين 3 نساء (30%) في أنحاء العالم كافة تتعرض في حیاتھا للعُنف البدني و/ أو العُنف الجنسي على ید العشیرة أو الشریك.
و یشیر موقع ھیئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن نسبة العنف ضِّد النساء في بعض البلدان تبلغ نحو 70% كما یؤَّكد أّن 37% من النساء في العالم العربي تعّرضن لعُنف جسدي أو جنسي لمّرة واحدة في حیاتھن على الأقّل و یضیف أّن الإحصائیات تشیر إلى أّن النسبة قد تكون في الحقیقة أعلى، إلا أّن غیاب الإحصائیات التي یُمّكِنها أن توّثق جمیع الحالات یمكنھ أن یُغّير في النتیجة.
و تشیر الإحصائیات إلى أّن 6 من كُل 10 نساء المُعَّنفات لا یخبرن أي جھة عن تَعَرضِهّن للتَعنيف، فیما الجزء الآخر یتحّدث عن الأمر للعائلة و الأصدقاء و لیس للشرطة.
تتعدد أنواع العنف تجاه المراة، مثل قتل الإناث وتَشويه الأعضاء التناسلیة و الاتجار بالفتیات و زواج القاصرات و العُنف الرقمي، الذي یترتب على إرسال تھدیدات و قطع حریة المراة و تقیید حریة النشر، و العنف الجنسي المتمثل بالاغتصاب ، و العنف الأسري الذي لهُ جوانب عدیدة مثل العنف الاقتصادي و الاجتماعي و… الخ
عندما نَتّحدث عن العُنف الأسري فإننا لا بُّد من تعریف العُنف بشكل عام; وَ هُو استخدام السلطة، أو النفوذ، أو القوة المادية ، أو المعنویة، أو الجسدیة بشكل عدواني تجاه أشخاص أضعف. فالعُنف الأسري إذاً; ھو استخدام القوة و الاعتداء اللفظي، أو الجسدي، أو الجنسي من قبل أحد أفراد الأسرة تجاه فرد آخر في داخل الأسرة نفسھا و التي تتكّون من الزوج و الزوجة والأبناء، مِما یترّتب عليه ضرر و اضطراب نفسي، أو اجتماعي، أو جسدي.
لا یمكن حصر العنف الأسري على مناطق وازمنه مُعينه لانها موجود منذ الأزل في قصة “قابیل وھابیل” و إلى یومنا ھذا، و لا تخلو أي منطقة في العالم من العُنف الأسري في وقتنا الحالي، و لا یقتصر على دیانة أو طائفة معینة بل یمارس _للاسف_ من قبل جمیع الطوائف الدینیة، و جمیع الأجناس، و الطبقات المجتمعیة المختلفة.
یشكل العُنف الأسري و العُنف ضد المرأة على وجه الخصوص، ظاھرة خطیرة تعددت أسالیبھا وألوانھا، من القتل و الخنق و الحرق والتعذیب، وغیر ذلك من الحالات، و وصلت معدلات العنف إلى أرقام مخیفة للغایة، و توزعت جرائم العُنف الأسري بمختلف مناطق الوطن العربي و علت أصوات عدیدة من التیار المدني و المنظمات المحلیة والدولیة، لتشریع قانون یحد من ھذه الظاھرة الخطیرة التي زَعّزَعت أمن و استقرار الأسر.
حیث أكد عدد من المتخصصین السعودیین في شؤون المرأة و الطفل ارتفاع مؤشر العُنف في السعودیة تجاه المرأة، بنسبة تصل إلى %87.6،وفقاً لصحفیة “الریاض” و شدد عدد من المُختصین على ضرورة المسارعة في إصدار قانون حمایة للمرأة، مؤكدین أن الأرقام الصادرة عن تقاریر كشفت أن قضایا العُنف ضد المرأة أقل بكثیر من الحالات التي تتعرض فعلیاً للعُنف، مرجعین ذلك إلى خوف المُعتدى عَليه من المُعتدي، إلى جانب قلة الوعي بالحقوق، لافتین إلى أھمیة وجود إجراءات خاصة بالحمایة في حال تم تطبیق القانون.
كما تبین الدراسات و الأبحاث التي أجرتھا عدد من النساء التونسیات أن واحدة فقط من عشرة نساء تَعّرضت للتَعنيف في تونس وتَجاوَزت العوائق النفسیة و الاجتماعیة و ترفع أو تفكر في رفع شكوى ضد القرین العنیف أو في طلب الطلاق كحل لحمایتھا من العُنف.
فیما أكدت المساعدة الاجتماعیة في جمعیة “كفى” سیلین ألكك أن عدد النساء اللبنانیات اللواتي یبلغن الجمعیة عن تعرضھن لعُنف جسدي، اقتصادي، جنسي أو معنوي و یطلبن حمایتھا، ارتفع من ٢٩٠ حالة في العام 2014 في السنة إلى 725 في العام 2015“.
و في المغرب تبین الأرقام أن النساء المتزوجات ھن الأكثر عرضة للعُنف، بنسبة 74.86 بالمِئة، تلیھن المطلقات بنسبة 9.18 بالمئة ،في حین تسجل أقل نسبة عنف لدى النساء الأرامل بنسبة 2.47 بالمئة في السیاق نفسه یتبین أن النساء ربات البیوت أكثر عرضة للعنف بنسبة 67.57 بالمئة، في حین تسجل أقل نسبة عنف لدى النساء اللائي یشغلن وظائف حرة بنسبة 3.1 بالمئة. كذلك تعتبر النساء الأمیات الأكثر عرضة للعنف بنسبة 30.38 بالمئة، و یظھر أنه كلما ارتفع المستوى الدراسي للمرأة كلما قلت نسب تعرضھا للعنف، بحیث سجلت أقل نسبة وھي 7.63 بالمئة لدى النساء الحاصِلات على مستوى جامعي، مع استثناء یتمثل في النساء اللائي یدرسن في محاربة الأمیة بحیث شكلت نسبة من یتعرضن للعنف بینھن 3.21 بالمئة.
اما العراق فعضو مفوضیة حقوق الإنسان علي البیاتي، قال لشبكة رووداو الإعلامیة إنه “تم تسجیل 15000 قضیة عُنف أسري في العراق خلال عام 2020، بشكل عام”، مشیراً إلى “إصدار 4000 مذكرة إلقاء قبض، بسبب ھذه القضایا”
و بعد الاطلاع على كل ھذه الأرقام والإحصائیات، نستنتج إن العُنف الأسري یتغلغل إلى الأسر العربیة بشكل مخیف، و تظل المرأة المُعنفة داخل قوقعة من الكُتمان خوفاً من المُعَِنف، و خوفا من نظرة المجتمع. و السبب في تفاقم ھذه الحالة ھي قلة القوانین التي تُناصر المرأة، وان وجدت مثل ھذه القوانین فمن الممكن أن یتم التغاضي عنھا بواسطة الرشاوي أو قوى خارجة عن سیطرة الدولة و كذلك غیاب السلطة على بعض المجتمعات داخل القرى و الأریاف كل ھذه الأسباب تجعل المرأة بلا صوت و لا قوة تَسندھا.
لا یجب تَبرير مثل هذه الافعال بأسباب معینة و لكن ھناك بعض الأسباب التي تساعد عل انتشار العُنف الأسري بصوره اكبر و ھي مُتَنوعة ومُتداخلة،يُمكن تلخیصھا في التالي:
١-أھم الأسباب ھو مرض نفسي ناتج عن طفولة سیئة أو إرضاء للذات الضعیفة.
٢-ضعف الإیمان الدیني و سوء تفسیر الأحكام و الأدوار داخل الاسرة.
٣-العرف المجتمعي التقلیدي؛ مثل عدم المساواة بین الذكر و الأنثى و سوء التربیة والنشأة.
٤-غیاب ثقافة الحوار و التشاور داخل الأسرة.
٥-سوء الاختیار، و عدم التناسب و التكافؤ بین الزوجین في مختلف الجوانب؛ بما فیھا الإختلافات الفكریة.
٦-الظروف الاقتصادیة و الدخل المادي فقد یؤدي الفقر و البطالة إلى زیادة نسبة التعنیف.
٧- الظروف الأمنیة و عدم الاستقرار تؤثر سلبا على الفرد و الأسرة والمجتمع.
اخر ھناك العدید من الأمور التي من الممكن إن تحد من العنف لو اخذت بنظر الاعتبار، مع وجوب التَنبيه إلى أن كل فرد من أفراد المجتمع المدني مِن أفراد الأسرة إلى اكبر أعضاء الدولة یقع على عاتقھم مسؤولیة اتباع الأسالیب و الإجراءات اللازمة للحد من العنف الاسري. من بین ھذه التدابیر:
- تصحیح بعض المفاھیم و رفع الوعي :ویتم ذلك عن طریق نشر الوعي من قبل الإعلام و رجال الدین، و منظمات المجتمع، لتصحیح كل المفاھیم المغلوطة سواء الدینیة بمقاصد تفسیر الآیات عن طریق رجال الدین والإعلام، و منظمات المجتمع المحلي، و توضیح المفاھیم الخاطئة؛ حتى لا ُتُستَغّل باسم الإسلام على سبیل المثال. و كذلك تصحیح الموروث من العادات و التقالید في عدم المساواة بین الأبناء و ما إلى ذلك.
- إعطاء الفرصة للمقبلین على الزواج للتعارف تحت إطار صحیح مع مراعاة تعالیم الأدیان و تبادل الأفكار لغرض التعرف أكثر على الشریك و تجنب حدوث المشاكل بعد الزواج.
- اتخاذ إجراءات صارمة و قاطعة للأفكار الرجعیة التي توجب تعنیف المراة لأسباب قد تكون كاذبة مثل غسل العار.
- تجریم مُعنفي المراة و وضع عقوبات صارمة للُمعَنَفين و وضع قوانین تحمي المرأة من التعنیف.
- التنسیق بین المؤسسات المجتمعیة المحلیة و الدولیة في سبیل معالجة ظواھر العنف الأسري و محاصرة أسبابه.
- تقدیم الرعایة وخدمات متعّددة القطاعات(مثل:الصحة،الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للناجین والناجیات من العنف الأسري).
- نشر حملات توعویة لتذكیر و تعلیم الناس بمفھوم الحریات و الحقوق للحد من الأفكار التي تھین المرأة و تسلب حریاتھا مثل نظریة الحلوى وغیرھا.
وفي النھایة احب ان انوه على ضرورة احترام المراة، لیس فقط لانھا نصف المجتمع بل لانھا كیان روحي تحمل خلف صلابتھا رقة مطلقة، ولان المراة انسان لم تخلق بنصف عقل، وخصوصا المرأة العربیة فلھا وقفات مشرفة في كل میادین الحیاة، والمجتمع الذي یفتَخر بِنسائِه ویساندھن سیزدھر بلا شك. و العنف تجاه من ھم اقل قوة ھي طریقة الجاھل الضعیف الشخصیة لاثبات وجوده، ولا یدري بفعله ھذا لا یجعل من نفسه سوى اضحوكة لدى المجتمعات المثقفة و یقلل من احترام نفسه و لا ینظر لَهُ الاخرین الا بنظرة الشفقة.
الكاتب / ثريا جَعفر
التدقيق والتحرير / سرى ناطق
المصادر:
اتفاقیة القضاء على كافة أشكال التمییز ضد المرأة
صندوق الأمم المتحدة للمرأة, المكتب الاقلیمي لغرب اسیا, عمان الأردن.
ھیئة الأمم المتحدة لحقوق المراة منظمة الصحة العالمیة.