الحرُية مسؤولية تؤدي الى الفضيلة
كل واحد منا ينسى الحرية ويحاول بشتى الطرق أن يجعل محيطه يتبع قيمه ومبادئه بدون أن يصل إلى نتيجة، كيف يحدث ذلك ولماذا وهل هناك نتيجة مُرضية فعلاً؟
الحرُية مسؤولية تؤدي الى الفضيلة
غالبية الناس تكون على صواب بالنسبة لنفسها فقط وعلى خطأ بالنسبة لغيرها،هذا الأمر طبيعي يرجع إلى اختلافنا عن بعضنا البعض، لكن أغلب الناس لا يدركون هذه الحقيقة، فترى كل واحد منهم يحاول بشتى الطرق أن يجعل الجميع يتبع أفكاره، قيمه،مبادئه،معتقداته،رغباته وغيرها من الأمور التي تشكل نمط حياة، بدون أن يصل إلى نتيجة مُرضية لجميع الأطراف بل على العكس تبدأ مشاكل لا نهائية بينه وبين الباقين، لأنه قد يصل أحيانًا إلى التهجم قولًا وفِعلًا على من لا يتبع مساره وينسى أن حتى الفكرة الواحدة لها أكثر من وجهة نظر وأكثر من طريقة لتحولها إلى فعل لكن تبقى هي فكرة واحدة ومع أنه حتى لو كان يمتلك فكرة ضد التي لا يتوافق معها فيبقى لا يمتلك الحق في الاعتراض عليها والسبب بسيط جدًا لأننا مختلفين عن بعضنا البعض ولا يمكن تغيير أو إخفاء هذه الحقيقة.
قد يكون سبب اعتراض أحدهم على جزء ما بشخص غيره هو أنه يريده أن يصبح أفضل من ما هو عليه، لكن ينسى حتى الفضائل مفاهيم تختلف معانيها من شخص لأخر ومنها الأخلاق فقد يراها شخص ما تتجسد باللبس المحتشم وشخص آخر يراها تتجسد بالقول الطيب وغيرهم يراها تتجسد بالصدق، لكن كلها تبقى تحت مسمى الأخلاق والذي يخالفهم بالمعنى لا يكون دائمًا إنسان فاسد الأخلاق بل يمكن أن يكون إنسان يرى الأخلاق في وجهة نظر اخرى ولا يحق لأحد أن يجبره على معنى غير مقتنع به لأنه هكذا سينحرف عن أساس المفهوم ومن الجدير بالذكر أن حتى الإجبار على الفضيلة لا يصنع إنسانًا فاضلًا بقدر ما سيصنع إنسانًا منافقًا ومن اُجبر على فعل أمر ما في العلن سيفعل عكسه في الخفاء، لكن لو تقبَلنا اختلافنا وتركنا كل واحد يعيش نمط الحياة المناسبة له فسوف نصنع إنسانًا صريحًا لا متصنعًا منافقًا.
إن تقبلنا اختلافنا فسوف نجد كل واحد منا أخذ حريته الكاملة والحُرية أن أخذها الإنسان فسوف يؤدي ذلك للذهاب به إلى طريق الفضيلة، لأن الحرية في باطنها تكمن المسؤولية، أي أن الشخص الحُر سيكون مسؤول عن كل أفعاله وأقواله ولأنه يعلم هنا أنه سوف يمثل نفسه فقط والآخرين يعلمون بذلك، لذلك سيختار أن يظهر أفضل ما في داخله بأي طريقة ممكنة، لكن لو أجبر واعتاد أن يعتمد على الشائع في محيطه فسوف ينتظر أن ترسم الجماعة أفعاله وأقواله، ويصل إلى مرحلة فيها لن يأخذ من وقته للتفكير في إن كان هذا الفعل أو هذا القول مناسب أم غير مناسب لأنه يظن أن المسؤولية تقع على عاتق الجماعة التي سار عليها، فيفعل ويقول وهو مغمض العينين مطمئن بالوهم، لذلك تجده إنسان ضعيف منافق متصنع متناقض وينشر الشر دون وعي منه.
وأخيرًا: أن استردادك لنفسك وشخصيتك وإنسانيتك من خلال الحُرية أهم من رضا الجميع عنك، لأن هذا الرضا سيؤدي بك إلى عالم مزدوج، لا يعرف المسؤولية وينتهك كل يوم قيم الإنسان الحقيقية.