الرقابة الحزبية تفقد الشرعية
لكل نظام سياسي أدوات وأهم هذه الأدوات هي الأحزاب السياسية فالفهم الصحيح للعمل والممارسات الحزبية سينتج لنا نظامًا صحيًا تعالج فيه الأخطاء بعلمية ومنهجية بعيدًا عن الممارسات العبثية.
الرقابة الحزبية تفقد الشرعية
إن الرقابة الحزبية من أهم أنواع الرقابة في النظم السياسية وخصوصًا الديمقراطية منها فهي تختلف عن الرقابة الشعبية ورقابة مؤسسات المجتمع المدني وهذا بسبب ما تملكه الأحزاب من رؤية و تحليل للأحداث و توقع مساراتها حيث تكون الأحزاب السياسية أكثر قرب واحتكاك بالواقع السياسي.
هنا علينا طرح سؤال من اين اكتسبت الرقابة الحزبية كل هذه الأهمية؟
أن للحزب السياسي الكثير من الوظائف ولكن الوظيفة الرقابية هي الأبرز وتتمثل هذه الأهمية بقدرة الأحزاب على إيجاد البديل من خلال طرح الحلول والاستراتيجيات في كافة جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتمكن أهمية هذه الرقابة ببث وخلق وعي مجتمعي بأهم القضايا التي يتفاعل معها الرأي العام المحلي، وخير دليل على أهمية هذه الوظيفة هو ما نجده في الحياة السياسية البريطانية وكيف تعمل وتراقب الأحزاب مؤسسات الدولة وأداء الحكومة بعيداً عن التسقيط وإنما بالنقد وطرح البدائل والحلول..
وامتلاك رقابة فعالة لا يأتي إلا بتوفر شروط في المؤسسة الحزبية، ولكن قبل توفر الشروط علينا أن ندرك ونفهم أن مصطلح الرقابة لا يرتبط بالمعارضة إنما هو مفهوم أوسع من ذلك وعليه تكون الشروط كالآتي:
١- أن تكون هذه الرقابة لأجل تصحيح الخلل الموجود في الأداء والسلوك الحكومي والعمل على تطويره وليس لإقناع الجمهور بأهمية الوصول للسلطة.
٢- أهمية الخطاب الحزبي ونوعيته مهم جدًا في زيادة فعالية الجمهور وتفاعله مع أهم القضايا التي يطرحها الحزب السياسي فتكسبه التأييد الشعبي
٣- ابتعاد سياسية الحزب عن مفهوم تقاسم وتوزيع الحصص الذي تضر بفعالية الرقابة وتجعلها معدومة
٤- نجاح الرقابة يعتمد على خلق مشروعية ولا تأتي هذه المشروعية الا عن طريق اقتراب الحزب من النظام الثقافي للمجتمع
٥- على الحزب السياسي أن يكون ذو منهج فكري وطني بعيد عن تجاذبات الأفكار و المحاور الإقليمية والعالمية وان لا تكون له اتصالات سرية بجهات خارجية
بعد أن تعرفنا على أهمية هذه الوظيفة والشروط الواجب توفرها في الحزب فمن الواجب صياغة سؤال يستفهم عن شرعية الرقابة ومتى تفقد الأحزاب هذه الشرعية؟
الإجابة على هذا التساؤل سنوجزها بعدة نقاط
أولاً : يفقد الحزب السياسي شرعية الرقابة عندما يتأسس وفق أهداف ومصالح ضيقة.
ثانيًا: غياب الخبرة في أفراد المؤسسة الحزبية فتمارس ممارسات غير صحيحة تضر بأهمية الوظيفة الرقابية.
ثالثًا : عدم التواصل مع الجمهور وانغلاق الحزب على دائرة معينة من الأفراد متجاهل بقية شرائح المجتمع.
رابعًا : تورط الحزب بصفقات فساد أو تعامل مع جهات خارجية وتحويل الحزب إلى أداة تنفيذ أجندات وسياسيات خارجية ستفقده شرعية الرقابة وتحوله إلى مكانة مالية.
المؤسف اننا نفتقد إلى هذا المفهوم بالعمل السياسي الحزبي في الساحة العراقية وأغلب الأحزاب تفتقر إلى ما ذكرناه من شروط يجب توافرها لأداء الرقابة، وتتمتع بكل النقاط التي تفقدها شرعية أداء الوظيفة الرقابية..
الكاتب / سجاد سفيح
التدقيق والتحرير / محمد ناجح
كل ماكتب هو من أفكار ورأي الكاتب الشخصي.