ثقافة التبليغ

ثقافة التبليغ تكاد تكون معدومة في المجتمع العراقي رغم انتشار الجريمة بشكل كبير، فما الاسباب التي تعود الى انعدام هذه الثقافة؟ و كيف يتم تنميتها في المجتمع؟

0

ثقافة التبليغ

 

ثقافة التبليغ من أهم الثقافات التي يجب أن تنمى في جميع المجتمعات العربية، فنلاحظ ان أغلب المجتمعات العربية في الوطن العربي تفتقر لثقافة التبليغ وإن أفتقار المجتمعات لهذه الثقافة يعد من أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى أنتشار الجريمة و العنف في المجتمع، إذ إن ثقافة التبليغ هامة جداً في مجتمعنا ويجب أن تتضافر لها الجهود من الجميع سواء من الجهات الحكومية أو شركات القطاع الخاص وكذلك وسائل الإعلام المختلفة.

والمقصود بثقافة التبليغ هو أن يقوم الشخص بالتواصل مع جهة ما وتبليغها بأمر أو ملاحظة تخصها، وهو يناسب كثيراً بعض الجهات الرسمية الرقابية أو منشآت القطاع الخاص التي تتعامل مع زبائن ومستهلكين. وفي الآونة الأخيرة نشطت العديد من الجهات الحكومية في نشر أرقام خاصة بها للتبليغ عن مخالفات أو قضايا معينة لكي يتم الحد من اغلب مشاكل المجتمع التي تواجه المجتمع.

ثقافة التبليغ لا زالت تكاد تكون شبه معدومة في مجتمعنا وقد يعود ذلك للعديد من الأسباب ومن أبرزها،  زرع أفكار خاطئة لدى أفراد المجتمع حول هذه الثقافة بسبب سوء سياسة و أمن الدولة، و كذلك بسبب إنتشار سلطة العشائر التي أستغلت ضعف القوة القانونية في العراق، حيث يخاف الأفراد من التبليغ على شخص قام بالتعرض لهم خوفاً من أنه قد يكون لديه سلطة عشائرية قوية قد تؤدي بروحه أو بعائلته، أو الخوف من السلطة الميليشاوية السائدة في المجتمع والتي تعلوا سلطتها على سلطة القانون في العراق، و أيضا عدم الثقة من المبلغ بأن موضوعه سوف يجد أهتماماً من الجهات المختصة، أو اعتقاد البعض بأن هذا الأمر لا دخل له فيه ولا يريد الدخول في مشاكل.

وهناك سبب أخر غير الأسباب السياسية، حيث يخاف أغلب الأفراد من بعضهم البعض، أي ان الفرد يخاف من التبليغ في بعض القضايا بسبب كلام المجتمع ونظرته له، ومن هذه القضايا الأغتصاب والخيانة الزوجية سواء من قبل الزوج أو من قبل الزوجة، فيلتجئون غالباً الى القتل أو ما يسمى ب (غسل العار) بدلا من التبليغ والألتجاء الى القانون ظناً منهم أنهم لا يستعيدون كرامتهم وأنهم سيفضحون أمام المجتمع وستتضرر سمعتهم وأسمهم إذا قاموا بالتبليغ! حيث نتج هذا التفكير لدى الأفراد بسبب التخلف الذي سببته السلطة العشائرية وتأثير بعض من المشايخ الدينية الذين يمثلون العرف الديني بشكل خاطئ على فكر الافراد في المجتمع العراقي وتأثرهم فيها والتي غلبت سلطة القانون.

نرى إن الناس في المجتمع تتذمر وتشتكي لنفسها ولكنها لا تقوم بالتبليغ للجهات المعنية إلا القلة من الناس، فنلاحظ أن المرأة التي تتعرض للعنف الأسري أو التي تتعرض للتحرش وغيرها من أنواع التعرض تبقى صامتة ولا تلتجئ الى تبليغ الجهات المعنية لكي يتم ردع الشخص المُعَنِف أو المتحرش، كذلك اغلب الذين يتم تهديدهم من الرجال والنساء سواء إلكترونياً أو على أرض الواقع يرضخون للتهديد بدلا من التبليغ عنه، وكذلك عند مشاهدة شخص يرتكب جريمة معينة أو يتعاطى المخدرات وغيرها لا يتم التبليغ عنهم، وهذا ما جعل الفساد والجريمة والعنف تسود المجتمع العراقي وتدفعه الى التخلف.

 

من الواضح أن أفراد المجتمع لديهم مخاوف من هذه الثقافة لكن رغم ضعف السلطة في العراق إلا أن الجهات الأمنية تعمل على تبليغات المواطنين وقد تم نشر أرقام للتبليغ من قبل العديد من الجهات المختصة لمساعدة الأفراد على التبليغ بشكل أسرع وكذلك لتنمية هذه الثقافة، فالتبليغ أمر مهم للحد من أنتشار الجريمة فلو تم التبليغ على المتحرشين والمعنفين والمدمنين وغيرهم من المجرمين وتتم معاقبتهم عندها سوف يقل معدل هذه الجرائم بشكل كبير، لهذا من المهم تغيير نظرة المجتمع لهذه الثقافة والتشجيع عليها.

 

أن تنمية ثقافة التبليغ تقع على عاتق جميع مؤسسات المجتمع من خلال تشجيع المواطنين والتأكيد على ضمان سرية هوية المبلغ لإشعارهم بالثقة لكي لا يترددوا او يخافوا في إيصال المعلومة التي تخدم أمن المجتمع واستقراره فينال المجرم عقابه، وهنا نكون أمام حالة تقدمية في الشراكة المجتمعية بين المواطن ورجال الأمن.

 

الكاتب / سنديان اياد
التدقيق والتحرير / نور علي

 

المصادر :

صحيفة الراي

Jbc news

رأي الكاتبة الشخصي

 

Leave A Reply