ما هي الثقوب السوداء ؟
يعد الفيلسوفان جون ميشيل وبيير سيمون لابلاس أول من تطرق إلى مفهوم الجسم الذي يحبس الضوء والذي يصبح على أثره ذلك الجسم غير مرئي في القرن الثامن عشر ,فهل عرف العالم كل شيء عن هذه الاجسام بعد مرور قرنين من الزمن
ما هي الثقوب السوداء
الثقب الأسود هو عبارة عن منطقة في الفضاء تتمتّع بجاذبيّة قويّة جداً لا يمكن لأي شيء – ولا حتى الجسيمات أو موجات الإشعاع الكهرومغناطيسي مثل الضوء , الإفلات منها وذلك لأنّ كثافة المادة الموجودة في هذه المنطقة عالية فهي مضغوطة في مساحة صغيرة جدّاً . كان العالم ألبرت أينشتاين أوّل من تنبأ بوجود الثقوب السوداء عندما وضع نظريّته النسبيّة العامّة وذلك عام 1916 م وقد أُطلقَ عليها اسم الثقوب السوداء في عام 1967 م على يد عالم الفلك الأمريكيّ جون ويلر ولكن لم يتمكّن العلماء من رصدها في الفضاء إلا في عام 1971 م؛ وذلك عن طريق ملاحظتهم تأثيرها على الأجسام المحيطة بها مثل النجوم، والغازات، وغيرها ، وفي عام 2019 في العاشر من أبريل تم التقاط اول صورة للثقب الأسود بواسطة شبكة عالمية من التلسكوبات تمتد من الصين إلى الولايات المتحدة الأمريكية مرورا باليابان وتشيلي وبلجيكا وتايوان.
– تكوّن الثقب الأسود:
وضع العلماء مجموعة من النظريّات لتفسير تشكل الثقب الأسود، ومن أشهر هذه النظريات أنّ الثقوب السوداء كانت نجوماً عملاقة في حياتها السابقة ولكنّها فقدت طاقتها فتحوّلت إلى ثقب أسود فالنجوم مصنع كبير للطاقة مصدرها التفاعلات النووية الهائلة التي تحدث للمكوّن الأساسيّ للنجوم وهو الهيدروجين فعند الاندماج النوويّ لذرات الهيدروجين مع بعضها ينتج عنها غاز الهيليوم الذي بدوره يندمج لينتج عناصر أثقل وهكذا كلّما ظهر عنصر ثقيل جديد يحدث له اندماج جديد وجميع هذه التفاعلات النوويّة تنتج كميّة كبيرة من الطاقة تنقلها إلينا على شكل أشعة.
يحافظ النجم خلال حياته الطويلة على كتلته بسبب التوازن بين القوّة الناتجة عن الاندماج وقوة التجاذب بين العناصر والذرات المكونة له. وعندما يبدأ النجم الذي تزيد كتلته عن 25مرة ضعف كتلة الشمس بفقدان طاقته يحدث خلل في التوازن بين القوى التي تحافظ عليه فتبدأ قوّة الجذب بين العناصر بالتغلّب على قوّة الطاقة الناتجة من الاندماج ممّا يؤدّي إلى توجّه المادّة المكوّنة للنجم نحوَ مركزه، فتنضغط هناكَ انضغاطا كبيرا بسبب كثافتها وقوّة التجاذب بينها، وبعدها ينفجر النجم بسبب التدافع الشديد بين المادة الموجودة في مركز النجم، وينتج هذا التدافع بسبب الانضغاط الشديد، ويسمّى هذا الانفجار سوبرنوفا وينتج عنه انتقال ما تبقّى من غازات النجم بالإضافة إلى غلافه إلى الفضاء مخلّفا وراءه مركز النجم العملاق الشديد الكثافة وهو ما يُسمّى بالثقب الأسود.
أنواع الثقوب السوداء:
تتباين الثقوب السوداء من حيث حجمها، فمنها الكبيرة، ومنها ذات الحجم الصغير الذي لا يتجاوز حجم الذرّة ولكنّ كتلتها ضخمة جدّا وقد صنّف العلماء الثقوب السوداء إلى ثلاثة أنواع رئيسية هيَ :
1- الثقوب السوداء النجمية (Stellar black holes): يتشكّل هذا النوع من انهيار نجوم كبيرة الحجم، تنضغط بعد انهيارها حتّى تشكل ثقبا أسود، أمّا عند تعرّض النجوم الأصغر التي تصل كتلتها إلى 3 أضعاف كتلة الشمس للانهيار فإنّ مركزها لا يتحوّل إلى ثقب أسود بل يصبح نواة جديدة تسمّى نجما نيوترونيا أو قزما أبيض. قد تكون هذه الثقوب صغيرة في حجمها لكنّ كثافتها عالية جدّا ، ممّا يجعل جاذبيتها كبيرة لما حولها، فتستمرّ بجذب الغبار الكونيّ والغازات من المجرات التي حولها، فتنمو ويزداد حجمها. اكتشفَ العلماء أنّ مجرّتنا درب التبانة تحتوي على مئات الملايين من الثقوب السوداء النجميّة.
2- الثقوب السوداء الهائلة (Supermassive black holes ): إنّ الثقوب السوداء الهائلة كبيرة جدّا إذ تتراوح كتلتها بين ملايين إلى مليارات أضعاف كتلة الشمس وعلى الرغم من أنّ كتلتها كبيرة إلّا أنّ حجمها مساوٍ لحجم الشمس إذ إنّ نصف قطر كلٍّ منهما متماثل ويُعتقَد أنّ هذه الثقوب موجودة في قلب كلّ مجرّة في الكون تقريبا وقد فسّر العلماء وجودها بعدّة نظريّات منها: اندماج عدد كبير يصل إلى المئات أو الالاف من الثقوب السوداء النجميّة معا . انهيار مجموعة من النجوم في وقتٍ واحدٍ، وتجمّعها لتكوّن هذه الثقوب الهائلة.
3- ( الثقوب السوداء المتوسطة ) Intermediate black holes: اكتُشِف هذا النوع مؤخّرا إذ اعتقد العلماء أنّ الثقوب السوداء تتكوّن من نجوم ذات حجم كبير أو صغير فقط. تنتج الثقوب المتوسطة عن اصطدام مجموعة من النجوم في تفاعل متسلسل، وإذا وُجِد العديد منها في منطقة واحدة فقد تنتهي معا في مركز مجرّة مكوّنة ثقبا أسود هائلا وقد عثرَ علماء الفلك عام 2014 م على ثقب أسود متوسّط الكتلة في ذراع مجرّة حلزونيّة.
تأثير الثقب الأسود :
إنّ الثقوب السوداء أجسام غامضة مثيرة للفضول حيث يدرس العلماء تأثيرها على العناصر الكونيّة ويضعون فرضيّات لما يحدث للأجسام إذا تعرّضت لجاذبيتها ويمكن توضيح تأثير الثقب الأسود كما يأتي:
تأثيره على الأجسام القريبة: تسقط الأجسام القريبة من الثقب الأسود فيه فالثقوب السوداء لا تمتص الأجسام بل إنّ هذه الأجسام تسقط فيها. واعتقد العلماء لفترة طويلة أنّ الجاذبيّة التي تتمتّع بها الثقوب السوداء قد تجعل الأجسام التي تقترب منها تتمددّ وتتطاول بشكلٍ كبير ولكنّ الحقيقة أنّ الأجسام التي تقترب من الثقب الأسود تسقط فيه ثمّ تحترق، أمّا إذا اقتربت نجمة من الثقب الأسود فإنّه يُمزّقها.
الكاتب / واثق حميد
التدقيق والتحرير / تقى محسن
المصادر:
المصدر الاول
المصدر الثاني
المصدر الثالث