هوارد فيليبس لافكرافت
أدب الرعب أدبٌ عريق و واسع ،هناك العديد من الكُتاب الذين ساهموا بأفكارهم بوضع حجر لبناء و تقويم هذا الأدب ، فكانت نتيجتها أفكار و قُصص تتميز كل واحدة بطابع خاص ، و من اعلام هذا الأدب الذي اسس لنفسهِ مدرسةً بأفكارهِ و شخصياتهِ ، لنتعرف معاً على هوارد فيليبس لافكرافت .
هوارد فيليبس لافكرافت
شعور الخوف، شعور يصيبك عند حدوث شيء فاق توقعك، أي شيء مفاجئ. أو بمعنى أخر حدوث الأمورالخارقة للطبيعة والمعتاد بالنسبة لوجهات نظرنا المحدودة.
شعور مهم لا يمكن تجاهلهُ أو كبته، كغيره من المشاعر، تطور ليصبح أدباً. ترجم هذا الشعور أو بالأحرى مسببات هذا الشعور على الورق لتنتج ما يسمى بأدب الرعب. يُقال أن مصدر هذا الأدب و وقت ظهوره غير معروف، لكن هناك من يربط بين أدب الرعب و بين حضارة اليونان القديمة و روما القديمة، لِمّا كان شائعاً من أساطير زرعت بعض مفاهيم الرعب لدى الناس آنذاك.
هناك مراحل عديدة تطور بها هذا الأدب تدريجياً ليصل لهيئته الحالية.
فكُتِبت قصص الرعب في بدايتها عن مفاهيم غامضة و مخيفة في ذلك الوقت بالذات و هي الأشباح و عالم الأخرة و الأرواح الشريرة و الموت.
تطورت لتصل الى ما يسمى “الرعب القوطي” الذي أجتمعت به عناصر الغموض و الرومانسية السوداء.
لكن ما سنتحدث عنه اليوم سيكون مختلفاً و عميقاً أكثر تحت مسمى “الرعب القوطي” أيضاً لكن بمضامين متطورة أكثر. قد يكون مصدر الخوف فيه هو المجهول و كما هي العادة في الرعب القوطي هو وصف البيئة المحيطة ضمن القصة وصفاً سوداوياً بحيث تكون كل عناصر اللوحة ضمن إطار المشهد باعثة للخوف سواء كانت السماء، حالة الطقس، صوت الريح، و حتى صوت رقص الأوراق المتعلقة بالأغصان، هيئات البشر و سَيرهم و تلك الهالات التي تتبع الشخصيات كانت أيضاً تعطي طابعاً للخوف.
لكنه ربط هذا كله بالخيال العلمي صنع لنفسه وحوشاً وعوالم، سواء بالفضاء أو تحت المحيطات، في مدن أثرية مهجورة، عالم الأحلام و حتى الأمراض النفسية أرانا وجهها الأخر.
أصبح بعض الأدب الذي يكتبه ذا نوع خاص و تحت مسمى معين و هو الرعب الكوني. تعتبر هذه القصص تحت هذا المسمى نوعاً جديداً و لم يكن شائعاً. فقد تناولت مواضيع مختلفة كالمسوخ و الكائنات الفضائية و الابعاد المتعددة كما أشرنا سابقاً، بعيداً عن المواضيع المطروقة و الشائعة كالأشباح و غيرها.
“هوارد فيليبس لافكرافت”
في منزل كبير في بروفيندس ب (رو آيلاند) ولد هوارد عام (1890) تربى في كنف جده و والدته، تعلم على يد جده الذي نقل له الهوس بالقراءة بشكل عام و بأدب الرعب القوطي بشكل خاص.
بدأ القراءة و الكتابة بوقت مبكر جداً من حياته، فيقال أنه قرأ في سن الثالثة و كتّب في سن الخامسة، اطّلع على كتب كثيرة كان لها تأثير كبير في ما بعد على شخصيته. فقد كان مهووساً بقراءة ألف ليلة و ليلة كما قلنا تركت أثراً كبيراً على شخصية لافكرافت. و يُقال أيضاً إنه في بداية مسيرته الكتابية أطلق على نفسه إسم “عبد الله الحظرد” مؤلف كتاب العزيف، و هو كتاب سيكون له حضور قوي ضمن مؤلفات لافكرافت. بعد وفاة جده أصابهُ الفقر و قرر العمل بالكتابة و إرسال كتاباته للمجلات، كان يحاول العيش من كتاباته.
من أهم مؤلفاته و التي كانت حاوية على الرمزيات المعروفة في عالم لافكرافت أو أدب لافكرافت ” نداء كثولو” و ” الجرذان في الجدار” و “عند جبال الجنون ” و “الظل فوق انسموث” و “الهامس في الظلام” .
استطاع لافكرافت بمؤلافاته و أفكاره الخارجة عن المألوف بالتأثير على كُتاب آخرين استطاعوا إلهام بعضهم البعض و الكتابة على نفس الوتيرة. فقد كانوا يتبادلون الكثير من الرسائل التي يطرحون بها أفكارهم.
يمكننا أن نعرف هذه المجموعة التي شملت لافكرافت و مجموعة أخرى من الكُتاب على أنها حركة أدبية كان محورها الأساسي هو الأدب الغريب التي تشاركت بميثولوجيا كثولو التي شملت جميع الشخصيات و الأفكار و الأجواء و المسميات التي كانت في مؤلفات لافكرافت و كُتاب الرعب الآخرين. حيث أصبحت هذه الأسطورة كاللبنة لصياغة القصة على الطابع الأفكرافتي بجميع مسميات و رمزيات هذا العالم الذي إبتكره لافكرافت. فهي تهتم بصورة عامة بصراعات كونية يكون أبطالها وحوش سكنت الأرض منذ زمن غابر، يُقال إنها جائت من الفضاء. لا يركز لافكرافت في أعماله المشابهة لهذه على كينونة الإنسان و شخصيته بصورة خاصة، سنلاحظ وجود العديد من الأشخاص الذين يؤمنون بوجود كثولو و غيره من وحوش لافكرافت تكون لهم هذه الوحوش بمثابة العقائد و الأفكار التي تلهمهم لحفظ أنفسهم خوفاً من إستقياظ القوى العظمى هذه كما تقول الأساطير ” ضمن سياق القصص “.
لم يفلح لافكرافت في بيع قصصه و لم تحقق شهرة واسعة و لم يحقق أرباح كمؤلف، توفي فقيراً في السادسة و الأربعين من عمره عام ( 1937).
نُشرت اعمالهُ لاحقاً في دار نشر أُطلق عليها اسم ” ارخام ” لتبقى ذكرى خالدة لواحد من اعظم كُتاب ادب الرعب على مر الزمان الذي ترك بصمةً لا تموت ابداً في وسط ادب الرعب
صارت رمزيات عالمهُ من الشخصيات و الأشياء المألوفة فقد تبعهُ العديد من الكُتاب ليكتبوا ضمن ميثولوجيا كثولو و يغوصوا ضمن باقي افكار و شخصيات لافكرافت فهنا يمكننا القول ان لافكرافت استطاع اني يجعل لنفسهِ مدرسةً متفردةً بأدب الرعب.
الكاتب / مريم وسام
التدقيق والتحرير / فاطمة قائد
المصادر:-