التعافي ما بعد الفقدان

يكون فقدان أحد أفراد الأسرة أمر صعب وصادم للغاية و مدمر لبقي افراد الأسرة. على الرغم من قساوة هذه الرحلة الا ان التعامل مع هذا الامر مهم لكي يساعد الفرد بالتخطي واحتضان الألم، هناك بعض الخطوات البسيطة يمكن أن تساعدك على تقبل حقيقة شخص تحبه قد فارق الحياة.

0

التعافي ما بعد الفقدان

 

يواجه الجميع الخسارة او الفقدان من وقت لآخر  لكونها جزء أساسي من الحياة. لقد شعر الكثير منا بالحزن في خضم كوفيد ربما تكون قد فقدت عملك، أو ألغيت إجازة لن تتكرر ، أو ربما مررت بتجربة فقدان أحد أفراد أسرتك الذي لم تتوقع فقدانه بهذه السرعة في يوم من الايام

يمكن أن تكون الخسارة مدمرة للعائلة. وقد  يمر كل شخص برحلة حزنه وفقًا لطريقته الخاصة بالتعامل معها وتقبلها.

 

وهنا تبدأ بالتعرف على أهم منعطف في الحياة وهي خسارة من تحب الى الأبد، يتولد شعور الحزن او الصدمة و يستغرق وقتاً للتعافي ،تحت سقف زمني  نهايته غير محددة وهذه العملية ليست بسهلة؛ نظراً إلى أننا لم نتعلم ونتثقف حول كيفية إدارة مشاعر الصدمة و لم ندخل بدوامة الحزن العميقة وكل ما مررنا به من لحظات حزن كانت مجرد رماد مقارنةً بما نشعر به في  وقت الفقدان،  فقد لا تكون جاهزاً لاستيعاب تلك الطاقة السلبية المجهزة لك في خبايا القدر والتي لم تدرك بأنك ستحتاجها لجعلها طاقة إيجابية لتتمكن من السيطرة على الشعور بالفقدان فعند حدوثها لبعض المجتمعات يعتبر الانعزال التام أو ارتداء الملابس السوداء لأطول مدة من الزمن هي التعبير الوحيد عن الحزن، وما ذكرته للتو من هذه العادات تعتبر صورة  مُرضية للمجتمع و مؤذية للفرد نفسه. لكن السؤال هنا هل هناك طريقة “صحيحة” للشفاء؟ وما هو طريق اليقظة إلى الحقيقية؟

 

يتجه بعض الأشخاص بتفريغ هذه المشاعر بمختلف الطرق هروباً من الواقع لتجنب آراء و حِدّة لسان البعض، و قد تساعد هذه الطرق في تخفيف مشاعر الحزن المؤلمة بشكل مؤقت، لكنها في الواقع مجرد وسيلة لأخفاء ألمك بدلاً من محاولة  تخطي الألم و العيش بطريقة كريمة في هذا العالم. و كما هو متعارف ان هنالك عدة مراحل للحزن ومنها الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب و أخيراً تقبل الحقيقة. ولكن عندما تبدأ بمواجهة المأساة ليس هناك ترتيب معين يجب أن تتبعه و لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة للحزن، حيث من الممكن أن يستحوذك شعور واحد خلال هذه الرحلة المأساوية . في حين أن ألم خسارتك حقيقي ويجب تقبل شعورك كما هو ،و سيأتي وقت يجب أن تبدأ فيه عيش حياتك مرة أخرى.

و ستصل إلى مرحلة ستتمكن فيها من تقبل الموت كحقيقة لا مفر منها. عندها فقط ستجد نفسك قادرًا على المضي قدمًا واحتضان فكرة أن من تحب  قد فارق الحياة

 

أتذكر أنني شعرت بوحدة الرهيبة بعد فقدان والدي قبل بضع أشهر . كان شعور الخوف لاحتضان ذاتي و شعور السيطرة على نفسي من الانهيار هو بحد ذاته اختبار لي ، فعندما كانت ملامح الانكسار تبدو على جميع من حولي كنت في صراع مع نفسي، كيف المُ شتاتي كيف استوعب تلك الطاقة الهائلة من الحزن والأسى غير المتناهية ، كان شعور لا يمكن وصفه بالـ ثمانية وعشرون حرفاً من اللغة العربية. الى ان وصلت الى منعطف الإنكار وهو الأكثر فجعاً وجرحاً فعندما فقدته  ومر وقت على رحيله  صادفني طفل صغير يسأل عن والدي المتوفى وأنه ما زال منتظراً عودته الى المنزل وانهارت الدموع فجأة ،هنا أيقنت اني احتاج المساعدة.

 

قد تبدو فكرة تجنب أي شيء يذكرك في خسارتك المؤذية وكيفية التملص بايجاد طريقة لإلهاء نفسك فكرة جيدة لكن بدلاً من ذلك احترمت الألم عندما طرق بابي  واعترفت بمعاناتي ومعاناة أفراد عائلتي. أن الحزن يأتي ويذهب لذلك نحتاج إلى تذكير أنفسنا بأننا لسنا وحدنا وهنالك اشخاص حولنا مهتمين بمد يد المساعدة وهذا غالباً ما يجلب شعور الراحة والسلام عندما نحتاج إليه.

فمن المهم ألا تحاول التغلب على الحزن لوحدك كلياً و ان تستجيب الى العاطفة بداخلك، يمكنك مساعدة نفسك في الانتقال بين منعطفين ركيزين في هذه الحياة وهما الألم و الشفاء. حيث أن رحلة تقبل الفجيعة والحزن هي ملكك وحدك و كل فرد يستجيب بشكل مختلف للتكيف مع الخسارة، فكن لطيفاً مع نفسك واعلم أنك ستستيقظ يوماً ما وستجد أن الألم أقل، وأن  الحياة يمكنها الاستمرار …

 

اما اذا كنت أنت الشخص الذي يحاول تقديم يد المساعدة من المهم أن تتذكر  ما يمر به أفراد الأسرة الآخرون وأن تفهم حساسية مشاعرهم وتساعدهم في رحلة الشفاء حيث تحتاج أغلب العائلات إلى الشعور بالاطمئنان،و إنهم بحاجة إلى سرد قصصهم و مشاعرهم و إلى من يستمع إليهم.

ادعُ للحوار حول الشخص الذي تم فقدانه. يمكن أن يكون الأمر بسيطًا مثل ذكر ذكرى عزيزة، أو التعبير عن اشتياقك اليه و انك تفتقده كثيرًا والكثير من الأمور المعنوية التي تجعل فقدانه ليس شعورًا سيء لكن ذكراه أشبه بالمصباح المنير في قلبك و بيتك و عائلتك والاهم من كل هذا (داخلك). و بعد مضي الوقت لن تصبح هذه المحادثات دائمًا عميقة وعاطفية وتنتهي بالدموع الحارقة، ولكنها ستحافظ على ذاكرة من تحبهم وتسمح لعائلة الفقيد بالمشاركة مع بعضهم البعض كل هذه المشاعر.

 

الكاتب / افنان حقي
التدقيق والتحرير / فرح منير

 

المصادر : 

 

1)When Things Fall Apart: Heart Advice for Difficult Times

2)Book of Death & Dying.

3)Ambiguous Loss: Learning to Live with Unresolved Grief

 

 

Leave A Reply