بإمكاننا تغيير الواقع

في محاولة منك لتغيير واقعك هل تسائلت مع نفسك يوماً أيحكمنا الواقع أم نحكمه ؟ هل نغيره حتى نعيشه أم يغيرنا حتى نتعايش معه ؟ هذا المقال سيخبرك بالحقيقة التي يجب أن تدرك حتى يُبنى بها الواقع

0

ولدت في نهاية التسعينات، صادفت نشأتي سقوط صدام، استيقظت هذا الصباح لأقرأ عن وباء جديد يغزو العالم و الأسبوع الماضي فقدت الصين صاروخاً كاد يُفتك البشرية، أعددت كوب قهوة و انطلقت لأكمل مقالي الذي تركته البارحة …
العالم كما هو البارحة، العالم كما هو الأسبوع الماضي.
من بين عدة مقالات نشرتها مجلة علمية كتعريف للواقع مقالة بعنوان (الواقع عالم من المعلومات، مهما كان نوع الواقع الذي تعتقد إنك تعيش فيه، فمن المحتمل إنك مخطأ، الكون عبارة عن كمبيوتر يمكن تفسير كل ما يدور فيه من حيث معالجة المعلومات) حقائق الرياضيات، كروية الأرض و عمر النجوم وقائع لا سيطرة للبشرية عليها، السيطرة تكمن في حياتنا … بإمكاني أعداد كوب قهوة آخر و إكمال جلستي أمام الحاسوب لأثنى عشر ساعة قادمة أو بإمكاني أن أرتدي ملابسي واقرر الخروج.. بين الواقع و نظرتنا له يكمن التغيير. أقتبس هنا من إحدى مقابلات بوب بروكتر حينما قال (طالما إننا نعيش في هذا الجسد محاطين بعالم مادي إذاً نحن كسائر المخلوقات التي تستخدم حواسها الخمسة الفرق الوحيد بيننا أن كل المخلوقات تعيش منسجمة في بيئتها بينما نحن نعيش مشتّتين في بيئتنا و ذلك بسبب انهُ قد أعطينا القدرة العقلية لننشئ بيئتنا الخاصة) أن أردنا أن لا نكتفي بواقعنا وان ننشئ بيئتنا الخاصة يجب أن نفكر بطريقة للتغيير، يجب أن نبني فكرتنا الخاصة. لأن الطريقة التي نفكر بها اليوم تغير من طريقة تحركنا غداً، طريقة تحركنا غداً تغير من واقعنا الفعلي للأسبوع القادم. إذاً بإمكاننا تغيير الواقع عبر فهمنا له … عندما درس مندل خصائص الوراثة في ثمانينات القرن الماضي درسها كمحاولة منهُ لفهم الصفات السائدة للنبات كاللّون و الشكل و الان الواقع العلمي الحديث يمتلك القدرة على تعديل الجينوم البشري. مثال آخر لفهم العالم العلمي عندما تكّهن داروين بأصل الحياة قبل باقي العلماء و الان تطَور الإنسان يصل إلى محاولتهِ لإيجاد موطن جديد للبشرية. و لكن هل بإمكاننا التغيير؟ ما هي القوة المتطلبة للتغيير؟ من أين يبدأ التغيير و إلى أين يؤدي؟ كلها أسئلة لإجابة واحدة، السّر يكمن في الفكرة، معظم الناس لا يغيرون واقعهم لأنهم يعتقدون أن الأمر ليس حقيقي ابداً، يحاولون مراراً ثم يوقفهم الكسل في المنتصف، إننا جميعاً معرضون للفشل و فقدان التركيز في حياتنا و لكن إدراك حجم الفشل في حد ذاته يعتبر خطوة محاولة نحو احتواء التغيير وفكرتهِ. لا أتحدث عن التغيير عن كونه إيجابية أو تنمية بشرية، لطالما كان الواقع محبط و لا يراعي حاجاتنا، أتحدث عن كونه فكرة بسيطة، متكررة المرور في حياتنا و صعبة التطبيق أتحدث عن كونه أسلوب حياة. التغيير حلنا الوحيد للتغلب على الواقع أو على الأقل مجاراته، حينما ندرك بشكل كامل أن كل ما نحن بحاجة لتغييره هي أفكارنا و أفعالنا فنحن ندرك إننا مسؤولون بشكل مباشر عن صناعة واقعنا فباقي الأشياء ستتغير بالتبعية. أدمغتنا هي انعكاس لكل فكرة عرفناها، لكل معلومة قرأناها و لكل قضية آمنا بها أدمغتنا هي الانعكاس الفعلي لبيئتنا الخاصة. في تعليق آخر التقطته من سلسلة فديوهات للدكتور جو ديسبينزا يقول (إذا لم نتمكن من التفكير بشكل أعظم مما نشعر به، لن يمكننا التغير، التغير هو حقا أن تفكر بشكل أعظم مما تشعر) فكر بطريقة تحول بها فكرتك لإشارة عصبية كيميائية تفسرعلى كونها فعل جديد، دربها لتصبح عادة و بعدها عش بها كأسلوب حياة.

جسدك المتكيف لأفكار منذ عشر سنوات يصعب عليه العمل بفكرة جديدة و لكن دماغك هو السيد الفعلي لجسدك بإمكانك تبني أي فكرة تريدها و من ثم تحويلها لواقع حقيقي.
الكاتب / تبارك عدنان
التحرير والتدقيق / عبدالله ساجد

المصادر :
Reality: A universe of information

Leave A Reply