هل العيون حقا مرآة الروح ام انها تتمكن من اخفاء مشاعرها ؟
والعين كما تعلم مرأة الروح، وبالتالي نحن بأنفسنا شهود على ما خفي منا وما لم نظهره للأخرين من تصرفات وافعال، إلا ان العين لم ترضخ لسلطة العقل في اخفاء الحقائق, في مقالنا حول ذلك سنتعرف سوية هل لنظرات العيون قدرة على مواجهة سلطة العقل او الرضوخ لهيمنته وكبريائه وتزييف الحقائق
هل العيون حقا مرآة الروح ام انها تتمكن من اخفاء مشاعرها ؟
“والعين كما تعلم مرآة الروح . وبالتالي نحن بأنفسنا الشهود على ما خفي منا”
هذا اقتباس من رواية قلعة في البيرينيه والذي سأحاول توضيح ما قصدته وما عنته بطلة الرواية سولرنك ..
نجد للعيون نظرات تغزل خيوط افكارنا وتُلّهم عيون اخرى فهم هذا التخاطب الفكري ،بما ان الارواح تستطيع ان تتحاور فيما بينها وكذلك تتمكن من العروج الى آفاق لا حدود لها مُتخلّية عن الجسد الذي لا يمكنه التخلي عن حدوده فتصل الروح وترِد آفاق بعيدة يصعب وصولها مادياً. كذلك، العيون لها قدرة خيالية في ان توصل معاني وافكار لبرهة من الوقت اي في اقل من الثانية فتوصل معاني لا يمكن ان تصفها او تعبر عنها جميع اللغات العظيمة حتى ولو اجتمعت كل اللغات لوصفها فلن تتمكن من وصفها حيث تصبح عاجزة لا تقوى على وصف وفك شفرات نظرات العيون.
وبيّن العلم ان الإنسان تفضح عينيه ما يريد قوله في أحيان كثيرة، لأنها تعكس ذلك الإحساس الخفي الذي يحاول البعض في أحيان كثيرة، جعله متلاشيا، إلا أن العيون قادرة على فضحه، وقديما قال ابن القيم: «إن العيون مغاريف القلوب، بها يُعرف ما في القلوب وإن لم يتكلم صاحبها». وقالوا أيضا«: إن العيون لا تكذب ولا تخدع، ولكن السلوك والتصرفات، هي التي تحمل الكثير من الازدواجية والنفاق».
وذهب البيولوجيون إلى القول ان العيون جزءاً ظاهراً من الدماغ ، لذلك يردد العامة «قرأت ذلك في عينك»، إشارة لرؤية الأفكار الكامنة في الذهن. أما الشعراء فيرون في العيون منطقة الجمال، والتعبير عن الأعماق، ومن هنا أبدعوا في وصفها، فلاقت النصيب الكبير من مواضيع الشعر العربي، قديمه وحديثه، وفصيحا كان أم عاميا.
جميع ما نعيشه من صراعات ونزاعات لا احد يعلم بها فنحن من نعيشها ونخوضها ومن ثم نأتي بحلول وقرارات تنسجم مع افكارنا حيث نشعر ان القرار المتخذ هو قرار يتناغم مع ضمائرنا واحساسنا ونشعر هو العلاج لأرواحنا وبالتالي نٌظهر نتائج صراعاتنا للأخرين دون الكشف والافصاح عن ما عشناه وقاسيناه من ظروف ونزاعات داخلية. فعندما يبدأ الناس بطرح وتوجيه أسألتهم الينا فهي في ظاهر الامر اسئلة، الا انها في باطن الامر سلاح فتاك يؤذي ويبعث الرعب فينا ومن هذه الاسلحة هي:-
انت لماذا اخطأت؟ انت لماذا تنازلت عن افكارك وطموحك؟ لماذا فعلت هكذا فعل؟ لما لم تَقُمْ بفعل كذا؟، والكثير من الاسئلة الموجهة فهذه الاسئلة تُمثل إدانة لبراءتنا وتقييد لأفكارنا المتحررة وإشارات استفهامية تغربل وتحطم جميع لحظات السلام الداخلي … . ومن الاشياء التي تحزُّ بالنفس اعتقاد الناس انها مجرد اسئلة واجوبة بسيطة لماذا كل هذا المبالغة والتكلف والانزعاج الا انهم لا يدركون كيف تمثل وتعتبر هذه الاسئلة رحلة سفر تغوص في اعماق روحنا تبحث عن الاجابة ولا احد يعلم كم تستغرق هذه الرحلة وكم تبذل الروح قصارى جهدها لتجد في مكنونات النفس عما تبحث عنه … . ولقد صحَ ما قالت سولرنك : نحن بأنفسنا الشهود على ماخُفي منا اي ما اخفيناه عن الاخرين، ولا يتمكن اي شخص من معرفة ما يكمن داخلنا أن لم نُبح به.
الكاتب | حوراء صباح
التدقيق والتحرير | غيث ثامر