دور التدوين في تحسين صحتنا النفسية

يُعتبر التدوين من الأدوات الي طوّرها الإِنسان للتعبير عن أفكاره و مشاعره بشكلٍ خاص بعيدًا عن العامة. بالإضافة إلى أَنهُ يعد أداة غير دوائية تستخدم على نطاق واسع في العديد من التخصصات والمناهج النفسية المختلفة; لمعالجة المشاكل النفسية التي من الممكن مواجهتها. حيث إنها تساعدنا في فهم أنفسنا والتعبير عن أفكارنا و مشاعرنا وإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهنا كونها أداة صحّية تُقلل من القلق والإكتئاب. من خلال هذا المقال، تَعرف معي على دور التدوين في زيادة الوعي وتحسين الصحّة النفسية.

0

دور التدوين في تحسين صحتنا النفسية

 

ما هو التدوين؟

تدوين اليوميات هي عادة يومية يستخدمها الأفراد للتعبير عن مشاعرهم  ومواجهة مخاوفهم وتنظيم أفكارهم. وتتضمن كتابة اليوميات العديد من الجوانب التي تُحسّن من الصحة النفسية للفرد وتساعده للوصول الى أهدافه; بما للتدوين من فوائد عديدة.
حدَدت مراجعة 31 دراسة سريرية حول استخدام التدوين كعلاج مساعد، بالإضافة الى أشكال العلاج الأُخرى، وجدت دراسة أجراها الباحثون Provencher , Gregg , Mear , Mueser إِن التدوين يمكن أَن يُسَرّع من تعافي أولئك الذين يعانون من حالات نفسية مختلفة وخاصة التي تكون مرتبطة بأفكار تداخلية تطفلية تكرارية. حيث يسمح لهم بأَن يكشفوا عن هذه الأفكار على الورق من ثم معالجتها من خلال تقنيات علاجية كتابية كملاحظة أنماط التفكير ومواجهتهم لها.

فوائد التدوين:

أولًا: للتدوين دور مهم في تنظيم المشاعر.
يُعتَبر التدوين طريقة للكشف عن المشاعر بدلًا من كتمها. حيث أَن الكتابة عن المشاعر المؤلمة التي نشعر بها أو الأحداث الصادمة التي اختبرناها في مرحلة عمرية معينة من حياتنا، تساعدنا على توضيح هذه الصورة في مخيلتنا وبالتالي نكون أقل توترًا وأكثر تقبلًا لما اختبرناه سابقًا. ولكن يجب أن نكون حذرين في الكتابة عن الأحداث المؤلمة; حيث أن تذكر المشاعر السلبية التي واجهتنا بشكلٍ مستمر، يمكن أن يكون له نتيجة عكسية. ولأَننا نشعر بأن قيمتنا مُحَددة بالشعور الذي نشعر به، لذلك يجب أن نتحلى بالمنطق عند تفريغ مشاعرنا من خلال بحثنا عن الحلول المناسبة لتحويل المشاعر المزعجة أو السلبية الى أفكار تكيفية قابلة للتعايش.

ثانيًا: يساعد التدوين في الوصول الى أهدافك.
يوفر لك فرصة لتقريب أفكارك الى كلمات واقعية ومخططات عمل مما يُحسّن من تصورك لها ويجعل لك الأهداف تبدو حقيقية. كما يساعدك في الإيمان بقدراتك لإنجاز المهام.

ثالثًا: يساعد التدوين اليومي في تنمية الامتنان.
ممارسة الامتنان هي عملية تركز على الجوانب الايجابية والمميزة في حياتنا، حيث إنه يساعد في تحسين المزاج و له تأثير ايجابي على الصحة النفسية. أظهرت الدراسات إن للامتنان ارتباط وثيق بانخفاض مستويات القلق والاكتئاب.

رابعًا: للتدوين دور مهم في تقوية الذاكرة.
تقول طبيبة الأعصاب جودي ويليس: يمكن لممارسة الكتابة أن تُعَزز معالجة الدماغ للمعلومات والاحتفاظ بها واسترجاعها. فهي تُعَزز التركيز اليقظ للدماغ وتُعَزز الذاكرة طويلة الأمد وتُضيء الأنماط وتُعطي للدماغ وقتًا للتفكير. وعندما تكون موجهة بشكلٍ جيد، فهي مصدر للتطور المفاهيمي والتحفيز لأعلى إدراك في الدماغ.
عندما تدوّن يومياتك فأنت تقوم بتسجيل ومعالجة أحداث زمنية معينة. أثناء قيامك بذلك تتذكر تفاصيل الأحداث والتي تساعدك بعد ذلك على الاحتفاظ بتلك الذكريات لفترة أطول بكثير.

 

خامسًا: يساعد التدوين في معالجة اضطراب ما بعد الصدمة .
قد أظهرت الأبحاث إن التدوين يُساعد في تخفيف التوتر والحد من الغضب وأعراض اضطراب ما بعد الصدمة; فأنهُ يُعتبر أحد طرق التأقلم الايجابية بتقليله للشد العصبي وتعزيزه للتركيز.

 

كيف تدوّن بأفضل طريقة ممكنة؟

يجب عليك أن تعلم بأنهُ لا توجد هناك طريقة محددة أو منهج معين ممكن اتباعه بالنسبة للجميع، ولكن إليك بعض النصائح التي من الممكن أَن تساعدك في رحلتك الروحية:

1-اختر وقت معين من اليوم تدوّن فيه، وضع مؤقت يحدد لك الوقت الذي ستستغرقه في التدوين.
عملية التدوين قد تكون مرهقة في بعض الأحيان وتتسبب بالقلق والتوتر حيال إنجازها، لذلك يُفَضّل أَن تختار الوقت المناسب للتدوين اعتمادً على روتين يومك أو مشاعرك أو خططك المستقبلية.

 

2-اختر مكانًا مريحًا لك بحيث يساعدك على الاسترخاء. حاول أَن تختار مكانًا يناسبك ويجعل جهازك العصبي في حالة استرخاء بدلًا عن الشد العصبي; كي تستطيع أَن تُعَبّر عن أفكارك بوضوح دون تشتيت أو انزعاج.

 

3-كن حُرًا في تعبيرك. لا تتقيد بقواعد اللغة أو بأعراف المجتمع التي قد تحول بينك وبين التعبير الصادق عن مكنونات قلبك. حاول أَن تتخلص من كل ما قد يزعجك ويشعرك بالتقييد عن الكتابة بحريةٍ ووضوح.
وتذكر دائمًا أَن مذكراتك الشخصية هي ملكك الخاص بك ولا يمكن لأحد أَن يطّلع عليها .

 

4-استخدم الأجهزة الإلكترونية بدلًا عن الورقية.
قد تشعر أَنك على عجلة من أمرك وتريد أَن تكتب بأسرع ما يمكن، فالأجهزة الإلكترونية تُتيح لك فرصة الكتابة بسرعةٍ قصوى على العكس من الكتابة التقليدية التي تكون باستخدام الورقة والقلم.
ولا تنسَ أَن تحرص على الكتابة بالطريقة التي تناسبك.

 

5-اجعل التدوين عادة. إن للانضباط دورًا كبيرًا في تحسين صحتك النفسية والجسدية، حيث أن الكتابة تساعد في تقوية الذاكرة وفي تقوية جهازك المناعي، فضلًا عن فوائدها الجسدية التي تُحَقق لك الاستقرار النفسي والاتزان العاطفي، فاحرص على الكتابة يوميًا أو اسبوعيًا بشكلٍ منتظم.

 

وفي الختام، أَودُ أن أقول إِن الكتابة تساعدنا في تنظيم تجاربنا، مما يمنحنا فرصة لتحليلها الى سبب ونتيجة، وتطور طرق جديدة تساعدنا في حل مشكلاتنا. وكما يقول جوشوا سميث استاذ الصحة السلوكية الحيوية والطب في جامعة ولاية بنسلفانيا: “التدوين أداة لوضع تجاربنا وأفكارنا ومعتقداتنا ورغباتنا في اللغة، وبذلك تساعدنا على فهمها ونموها”

 

الكاتب | زينب حامد سالم
التدقيق والتحرير | فاطمة قائد الطائي

 

المصادر :-

1 – Cognitive and Emotional Changes in Written Essays and Therapy Interviews

2 – Expressive writing moderates the relation between intrusive thoughts and depressive symptoms.

3 – Accelerating the coping process.

4 – Confronting a traumatic event: Toward an understanding of inhibition and disease.

5 – Emotional disclosure through writing or speaking modulates latent Epstein-Barr virus antibody titers.
Export EXPORT Add To My ListEmailPrint© Request PermissionsShare

6 – Emotional expression and physical health: Revising traumatic memories or fostering self-regulation?

7 – Written emotional expression: Effect sizes, outcome types, and moderating variables.

8 – Disclosure of trauma and immune response to a hepatitis B vaccination program.

9 – Emotional processing
10 – Catharsis in Healing, Ritual, and Drama

 

 

Leave A Reply