الأديب ألفريد سمعان

في الموصل ولد ثم مرَّ بخانقين و لم ينسى الرمادي و في البصرة فتح عينيه على عالم الثقافة و المعرفة و في بغداد دخل عالم السياسة حيث تحزّب و اُعتقل في الذكرى السنوية الأولى لرحيل أحد رموز الثقافة العراقية المعاصرة دعونا نتعرف على حياة الأديب والسياسي الفريد سمعان

0

الأديب ألفريد سمعان

 

ولِد في الموصل لأسرة مسيحية كاثوليكية عام ١٩٢٨ لكنه لم يعش فيها إلا عامًا واحدًا حيث أمضى طفولته مُتنقلًا بين خانقين و الرمادي بحكم عمل والده ضابطًا للجوازات في المنافذ الحدودية حتى استقر في البصرة التي درس فيها الابتدائية و الثانوية و الإعدادية وهناك تفتحت عينيه في عالَم المطالعة و الثقافة .

عندما أكمل دراسته الإعدادية توجه لدراسة الحقوق في دمشق لكنه فشل في اكمال الدراسة هناك فرجع إلى العراق و دخل كلية القانون في بغداد عام ١٩٤٧ لكنه لم يتخرج منها إلا عام ١٩٦١ بسبب نشاطه السياسي حيث انتمى إلى الحزب الشيوعي عام ١٩٤٨ الذي كان متنفسًا و منطلقًا له نحو المشاركة الواسعة في الأنشطة الثقافية و السياسية في بغداد . من هناك بدأت رحلته مع آلام السجون و قيود المعاصم التي أصبحت ملازمة له في كل مناسبة على أرض هذا الوطن بسبب خوف السلطة من نشاطه الاحتجاجي . و قد اُعتقل اول مرة  اثر مشاركته في أحداث وثبة كانون ١٩٤٨ المعارضة لاتفاقية بورتسموث و حكومة صالح جبر و هناك في معتقل أبو غريب كان الشاهد الوحيد لإعدام مؤسس الحزب الشيوعي ” الرفيق فهد ” .

سُجنّ أكثر من مرة بين عامي ١٩٤٨ و ١٩٦٣ آخرها حين وضع مع خمسمائة من رفاقه الشيوعيين في ما يسمى بقطار الموت الذي نجى منه بعد أن حكم عليه بالحبس  لعشر سنوات .

قد أمن الشاعر الفريد سمعان بالواقعية الاشتراكية التي حكمت اغلب نتاجه الأدبي و كان الشعر يمثل له قضية تترجم من أجل سعادة الإنسان و كرامته و حريته . وقد عبر الشاعر عن آراءه من خلال عمله الصحافي منذ عام ١٩٥٢ حيث كتب في العديد من الصحف و المجلات العراقية مثل” التآخي ” و” الأديب ” و ” الحقيقة ” و” طريق الشعب ” ومجلة ” الصباح “المصرية ومجلة” الغد “الفلسطينية و مجلة” الخليج” الإماراتية . و أصدر أكثر من عشرين مجموعة من مجموعة شعرية ابتداءًا من مجموعته الاولى ” في طريق الحياة ” التي كتب مقدمتها بدر شاكر السياب و نشرت عام ١٩٥٢ ثم “قسم ” عام ١٩٥٤ و “رماد الوهج” ١٩٥٧ و “كلمات مضيئة” ١٩٦٠ و “طوفان” ١٩٦٢ و” أغنيات للمعركة “١٩٦٨ و” عندما ترحل النجوم” ١٩٧١ و “مراحل في دروب الآلام” ١٩٧٤ و “الربان “١٩٧٦ و “ام شروق رحلة الحب و التعب “١٩٩٨ و ديوان” هم يعرفون “٢٠١٠ إلى جانب مجموعات بعنوان” الطيور “و” اجل انت جذلى” و عام ٢٠١٦ أصدر آخر دواوينه الشعرية بعنوان” لائحة اتهام “و كتابًا آخر يتضمن فصولًا من سيرته الذاتية وتأملاته في السياسة و الثقافة بعنوان ” مع المسيرة الثورية .. الخطوات الأولى ” كما أن للشاعر عدة مسرحيات منها “الحطاب و الأسد “و “ليمونة” – مسرحية شعرية –  و عدة مجموعات قصصية مثل” النواقيس لا تدق “و” نبوءة متأخرة” و” أشرعة الصدى البعيد “و قد كتب أيضًا” دراسة اقتصادية في صناعة السكر في العراق” .

لم يقتصر دور الفريد سمعان في نتاجه الأدبي و السياسي والصحفي فقد كان مساهمًا نشطًا في تأسيس اتحاد الأدباء العراقيين عام ١٩٥٩ و مشاركًا في إعادة افتتاح الاتحاد في سبعينيات القرن الماضي كما ساهم في افتتاح مقر اتحاد الكتاب العراقيين و تولى منصب الأمانة العامة فيه بعد عام ٢٠٠٣ حتى عام ٢٠١٦ حيث ساهم في إعادة هيكلة الاتحاد و حفظ العديد من ممتلكاته .

في الخامس من كانون الثاني من العام الماضي أغمض الفريد سمعان عينيه بعيدًا عن بغداد التي كان مجنونًا في حُبها .. بعيدا عن ساحة الأندلس التي كانت تمثل له رئة أخرى حيث صومعته في إتحاد  الأدباء و مقر الحزب الشيوعي . رحل الفريد هادئًا حاملًا عمره المُعتق بالمحبة في العاصمة الأردنية عمان هناك حيث توقف قلبه الطيب عن الحياة و لربما كان مبتسمًا حينها بعد رحلة نضال طويلة في الشعر و السياسة و الثقافة .

خسرته الثقافة العراقية و خسرناه كرجلًا حقيقيًا ثابتًا و رافضًا للظلم لكنه الرابح الأكبر حيث ربح تاريخًا مُثقل بالتجارب و النقاء و المواقف الصادقة ابتدأ منذ ديوانه الأول” في طريق الحياة ” و لم و لن ينتهي .

 

الكاتب / حميد مجيد الشمري
التدقيق والتحرير / مريم عقيل

Leave A Reply